تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية

تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية جعلتني على دراية بأنه ليس مرض نادر، حيث كُنت أعتقد أنني فقط من مررت بهذا الاضطراب النفسي، ولكني عندما قُمت بالبحث عن هذه المشكلة وجدت أنه يوجد حوالي 1.4% حول العالم يعانون من هذه المشكلة.. وأنا قد مررتُ بفترة عصيبة للغاية، سأسرد لكم تجربتي وتجارب الآخرين.

تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية

إن تجربتي قاسية جدًا، حيث إن والدتي كانت تمر بهذه الحالة من قبل، وكنت أنا من يرعاها، وقد وصل الأمر بي إلى إيذاء نفسها، لم أكن أعلم أن الأمر يُمكن أن ينقل بالوراثة، حيث إنني بدأت في الشعور ببعض الأعراض عندما تخرجت من الجامعة.

لكني لم أكن أعطي الأمر اهتمام، وذلك خوفًا من أن يكون مصيري مثل والدتي، وكانت الأعراض التي شعرت بها كما يلي:

  • الخوف من التخلي أو الترك: لأن اضطراب الشخصية يجعل المريض يخشى من أن يتخلى عنه من حوله، حيث يقوم الشخص بانتظار أخطائه طوال الوقت، ويعيش وهو منتظر أن يقوم من حوله بتركه.
  • العلاقة غير المتزنة: إن المريض في الغالب يعاني من عدم التوازن في العلاقات، حيث يعطي المشاعر بشكل مفرط، إما يُحب بشكل كبير، أو يُصبح عنيفًا جدًا، وأحيانًا ما يعطي للشيء أكبر من حجمه.
  • الانفصال عن الواقع: في بعض الأحيان يكون المريض تحت ضغط كبير من قِبل من حوله، وتبدأ أعراض الجنون بالظهور، ويحدث له انفصال عن الواقع، حيث يُفكر في أمور غير واقعية بالمرة.
  • صورة ذاتية مذبذبة: في الغالب ما يتم الخلط ما بين المرضى المصابون باضطرابات حادة بخصوص أنفسهم، حيث يبدأ في التفكير هل هو إنسان جيد أم سيء؟ وهل يملك مبادئ يعيش عليها أم لا؟
  • الشعور بالفراغ: حيث يُشعر وكأنه واقع في ثقب أسود، وذلك في حال أنه لا يوجد شخص يتعرف عليها، فلا يقدر على التأكد من أي شيء يحدث حوله.

كان لديَّ كل هذه الأعراض، وكنت أشعر دائمًا بالضياع، ولا أعرف ما الذي أفعله، لقد بدأ المقربين مني يبتعدون عني، إلى أن قررت الذهاب للطبيب النفسي، وقام بمنحي بعض الأدوية التي ساعدتني كثيرًا، حيث قللت من نوبات الهلع، بالإضافة إلى جلسات التأهيل النفسي الجماعية؛ لأنه شعر أن هذا هو الأفضل.

لقد غيّرت فكري كثيرًا هذه الجلسات، حيث يعمل المُرشد النفسي إلى ضبط النفس بشكل كبير، ومن هنا أصبحت أفضل، وبعد حوالي شهرين من الالتزام بالعلاج النفسي والإرشادي، شعرت بتحسن كبير.

اضطراب الشخصية الحدية العدواني

إلى جانب عرض تجربتي وجدت أن هناك تجربة لفتاة في سن البلوغ صغيرة العمر، تقول بدأت تجربتي مع هذا الاضطراب بعدم تخيُلي أبدًا أنني من الممكن أن أُصاب بهذا المرض على الإطلاق، حيث إنني كنت صغيرة.

لكني أتذكر أن أحد أقاربي خلال أعتدى عليَّ جنسيًا وأنا صغيرة، وكان يُهددني بالقتل إذا تحدثت مع أحد في هذا الأمر، وبدأت في الانسحاب من أي تجمع عائلي، أو مناسبة خارج المنزل، وقد قابلت عائلتي هذه التغيرات على أنها بسبب وصولي لمرحلة المراهقة.

بقيت لسنوات طويلة أعاني من الرعب الشديد من مقابلة أي شخص غريب عني، بالإضافة إلى إصابتي المُتكررة بنوبات الهلع والخوف الشديد، وظل هذا الأمر ممتد حتى بلغت خمسة وعشرين عامًا، وبدأت أشعر بالحزن المفرط والاكتئاب الشديد.

قد كانت أغلب علاقاتي مع من حولي مذبذبة بشكل كبير، وذلك نتيجة للخوف بشكل زائد من الآخرين من حولي.. ولم أكن أعلم ما الذي يحدث لي ومما أعاني، فقد كنت أغضب بشكل دائم وأتوتر كثيرًا من أقل الأشياء، وأصاب بخيبة الأمل بسرعة كبيرة، وأعاني من العصبية الشديدة طوال الوقت.

الأمر الذي جعلني أُفكر بشكل جدي أن أذهب إلى الطبيب النفسي، والذي شخصَّ حالتي على أني مصابة باضطراب شخصية حدية من النوع الاندفاعي، وأثناء جلساتي النفسية مع الطبيب أدركت السبب الذي جعلني أصاب بهذا المرض، وهو الحادث القاسي الذي تعرضت له وأنا صغيرة، وعلى الرغم من أن قسوة التجربة، إلا أنني تخطيتها بفضل الله، بعد انتظامي على جلسات الإرشاد النفسي لعدة أشهر.

التعافي من اضطراب الشخصية الحدية

بالإضافة إلى أنني نجحت بفضل الله تعالى خلال تجربتي في التعافي خلال مدة سريعة وجدت أنني لم أكن وحدي من تعرض لهذا الاضطراب وتعافيت بسرعة، حيث تروي فتاة تجربتها مع هذا الاضطراب.

بدأت قائلة: “إن تجربتي مؤلمة ولكن فضل الله تعالى كان كبير عليّ وشُفيت بفضله سريعًا، لقد تعرضت منذُ طفولتي إلى مشكلة نفسية قوية وصدمة، مما جعل حياتي تغيرت وانقلبت رأسًا على عقب، فقد فقدت والدي في حادث أليم خلال ذهابُه للعمل، الأمر الذي جعلها تشعر بالحزن الشديد للغاية.

كما كانت تشعر أنها أقل من الآخرين ممن حولها الذين يمتلكون أب، الأمر الذي جعلها تتعلق بوالدتها بشكل كبير، حتى مع بلوغها عامها الـ 21، لم يقل هذا التعلق، بل يزداد بشكل كبير، وكانت دائمًا ما تذهب معها في كل مكان، كما كانت تشعُر أن خالها بمثابة والدها، وكانت متعلقة به كثيرًا.

حتى لاحظت الأم هذه المشكلة، وأخذتها إلى الطبيب النفسي المختص، لتعرف ما الذي يحدث معها، وطلب منها الطبيب وصف مشاعرها، ووجد أن لديها بعض الأعراض التي تتمثل فيما يلي:

  • نوبات الغضب القوية: إن التعرُض لنوبات الغضب تكون قوية جدًا، حيث يبدأ المريض بالانهيار وإلقاء كل الأشياء من حوله، ويقوم بالصراخ والغضب الشديد.
  • ردود فعل عنيفة وقوية: إن المرضى الذين يعانون من هذا الاضطراب يتسمون بالعصبية الشديدة والتهور والعنف في الرد، خصوصًا عندما يكونوا غاضبين أو هناك شيءٍ ما يحزنهُم.
  • محاولة إيذاء النفس: يقوم المرضى بمحاولة إيذاء النفس بشكل مستمر ودائم، حيث تراودهم أفكار انتحارية، مثل حرق النفس أو إحداث الجروح الخطيرة في الجسم، وما شابه ذلك.
  • النظرة الدونية للذات: إن المرضى يعانون من نظرتهم لأنفسهم بشكل دوني، حيث يقللون مما يفعلون، الأمر الذي ينتج عنه الفشل في الاختبارات أو العمل الذين يقومون به.
  • عدم الشعور بالرضا: يشعر المرضى دائمًا بعدم الرضا عن النفس، وعن الأشياء المحيطة بهم، وأنهم غير محبوبين.

لقد قال الطبيب أنها تحتاج إلى علاج نفسي من خلال جلسات العلاج السلوكي الجدلي، حيث يعمل هذا النوع على السيطرة على انفعالات الشخص ومشاعره المضطربة بشكل كبير، ويضبطه جيدً، وتحسين علاقاتُه الاجتماعية بمن حوله.

كما وصف لها علاج دوائي عبارة عن أدوية لتخفيف حدة الاكتئاب، والتقلبات المزاجية الحادة التي تصيبها، ومن بين هذه الأدوية هي أدوية الذهان أيضًا، وقد استمرت على هذا العلاج والجلسات النفسية لمدة 6 أشهر، وبعد ذلك شعرت بتحسن كبير، وتحسنت حالتها النفسية سريعًا.

اضطراب الشخصية الحدي المدمر

إن هذه التجربة من التجارب القاسية جدًا مع اضطراب الشخصية الحدية، حيث رويت حالة تعاني من مشكلة الاضطراب الحدي المدمر برفقة والديها، فكانت تجلس والدتها بالقرب مني، وحكت لي عن ابنتها المرض الذي تعاني منه، فقالت إن ابنتها منذ الصغر وهي لم تشعر بالرضا عن نفسها على الإطلاق.

فقد كانت عدوانية بشكل كبير مع كل من حولها، الأمر الذي كان يزداد بشكل كبير عندما كبرت، ولم يكن الأمر مجرد شيء طفولي، وكانت دائمًا تشعر بالإحباط من كل شيء تقوم به وتفعله، وعلى الرغم من تفوقها الدراسي كانت تشعر بانعدام القيمة.

كما أن الأمر ازداد كثيرًا فقد عانت في طفولتها وفترة مراهقتها، كانت غريبة الأطوار، ومتهورة إلى حد يصل إلى أنها قد تؤذي نفسها، ومؤخرًا كانت تدخل في نوبات الغضب والهلع، وأصبحت حالتها غير مستقرة على الإطلاق.

إلى أن قررت أن أغيّر الطبيب المعالج لها، حيث قالت إن هذا الطبيب بدأ في أن يأتي بنتيجة معها قليلًا، ولكنها تعود وتنتكس مرة ثانية، وغير معلوم السبب حتى الآن.

هناك الكثير من التجارب المؤلمة مع اضطراب الشخصية الحدية يجمع أنواعُه، والتي لا يجب تجاهلها، والذهاب إلى الطبيب المختص؛ ليوفر لك العلاج المناسب سواء كان العلاج النفسي أو الإرشادي.

Scroll to Top