يُعتبر شهر رمضان المُبارك أكثر الشهور عظمة وبركة عند جَميع المسلمين فى كافة بقاع الأرض، وهو الشهر الذي تَجدهم فيه يقوموا بالإستعداد له قبل قدومه بوقت طويل، ومن أفضل العبادات التي يمارسها المسلمون في نهار رمضان هي الدعاء بكل ما يرغبون في تحقيقه في حياتهم، وكذلك الدعاء لربهم بالعفو والمغفرة، والفوز بجنة الخلد في الدار الآخرة؛ ويرجع ذلك لكون الدعاء في رمضان مستجاب في أوقات كثيرة، ويختلف عن الدعاء في سائر الأوقات، خاصة في وقت الإفطار وكذلك ليلة القدر الموجودة بالشهر الكريم.
أدعية دخول شهر رمضان من القرآن الكريم
يمكن للمسلم أن يناجي ربه بجميع ما يريد من أمور الدين والدنيا، ويمكنه أن يناجيه بالطريقة التي يريدها، فالله يسمع المسلمين جميعًا، ويشعر بعباده دون أن يتحدثوا، ولكن يوجد الكثير من الأدعية الموجودة في القرآن الكريم، وواردة عن رسولنا الكريم يكون لها فضل عن باقي الأدعية، واستخدمها الأنبياء، والمسلمون في جميع العصور المختلفة، ويستطيع المسلم أن يحافظ على ترديدها في شهر رمضان المبارك، لينال بها رضا الله، ويمكنه أن يضيف عليها الدعاء بما يريد أيضًا بلا حرج، وأدعية القرآن الكريم شاملة لأمور الدين والدنيا معًا، وغير مقتصرة على أمر محدد، ومن أشهر الأدعية المذكورة في الكتاب الكريم ما يلي:
(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
(رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(رَبِّ إِنّي أَعوذُ بِكَ أَن أَسأَلَكَ ما لَيسَ لي بِهِ عِلمٌ وَإِلّا تَغفِر لي وَتَرحَمني أَكُن مِنَ الخاسِرينَ).
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).
(رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ).
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
(رَبِّ اشرَح لي صَدري * وَيَسِّر لي أَمري * وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني * يَفقَهوا قَولي).
(رَبِّ زِدني عِلمًا).
(لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
(رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ).
(وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
(رَبِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتي رَبَّنا وَتَقَبَّل دُعاءِ).
(رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ).
(رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
(رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
الدعاء في شهر رمضان
يتميز شهر رمضان عن غيره من الشهور التي تمر على المسلمين بفرض الصيام، وكثرة العبادات الأخرى التي يمارسها المسلمون، وتجد هذه العبادات متمثلة في الصيام وأداء السنن في الصلاة والأعمال، وكثرة قراءة القرآن، وتجد أشهر العبادات التي يمارسها المسلمون في ذلك الشهر هي الدعاء بكل ما يتمنون، فتجدهم يكررون أدعية القرآن الكريم، وأدعية الرسول المأثورة، وكذلك قراءة الأذكار التي تشمل الكثير من الأدعية الأخرى، ويتحرى المسلمون الأوقات المختلفة من اليوم لمعرفتهم باستجابة الدعاء فيها، مثل وقت الإفطار، والوقت بين الصلاة والإقامة، ووقت السحر، وغيرها من الأوقات؛ حيث يشتهر شهر رمضان عند المسلمين باستجابة الدعاء، ونزول الرحمات من عند الله، والمغفرة لكثير من الناس، كما يشتهر أيضًا بعتق رقاب المسلمين من النار؛ لذلك تجد المسلمين في اجتهاد وتسابق هذا الشهر لأداء العبادات على أكمل وجه، وتجهيز الدعوات لهم ولمن يحبون من الأحياء والأموات ليستطيعوا مناجاة ربهم بهذه الأدعية طوال الشهر الكريم.
ومن أهم الأسباب التي يجب أن يأخذ بها المسلم عندما يدعو ربه أن يكون متيقنًا من الإجابة، ويملك حسن ظن بربه، ويعلم أن الله قادرًا على كل شيء، ويستطيع أن يحقق له ما يريد بمجرد أن يقول له كن فيكون.
وقد ورد عن رسولنا الكريم في أحاديث السنة النبوية أن دعاء المسلم في صيامه لا يرد.
أفضل الأوقات لدعاء شهر رمضان
من المعروف عن شهر رمضان الكريم أنه شهر استجابة الدعاء، ولكن هناك أوقات بعينها يكون لها فضل أكبر، ويستجيب الدعاء فيها أكثر من غيرها من الأوقات، وتتمثل هذه الأوقات في:
- الثلث الأخير من الليل؛ حيث يملك ثلث الليل الأخير فضل في جميع أوقات السنة في استجابة الدعاء، ومناجاة رب العالمين، فيقوم العبد المسلم والناس نيام ليناجي ربه في هذا الوقت، وينزل الله إلى الأرض ليغفر للعباد، ويسمع دعواتهم، ويتزايد فضل هذا الوقت في الشهر الكريم عن الأوقات العادية؛ حيث يمتلك فضل الدعاء في ذلك الوقت فضل الدعاء في رمضان، وفضل الدعاء في الثلث الأخير من الليل أيضًا، ويشتهر ذلك الوقت عند المسلمين في الأوقات العادية بصلاة القيام التي تعينهم على الحياة ومناجاة ربهم، وتجدهم يزيدون من هذه العبادات في شهر رمضان.
- وقت حضور الصلاة المفروضة، والوقت الموجود بين الصلاة وإقامتها من الأوقات المستجاب فيها الدعاء، وقد ورد ذلك في السنة النبوية الشريفة.
- وقت نزول المطر من السماء.
- وقت السجود؛ حيث يكون العبد أقرب إلى ربه في هذه اللحظات، ويكون في أكثر لحظات خضوعه للمولى عز وجل، خاضعًا له طالبًا ما يتمنى من أمور الدنيا والدين دون حرج لمعرفته ويقينه تمامًا أن الله منصت إليه، وأنه قادر على تحقيق ما يتمنى، وخرق جميع المعضلات والمشاكل من أجل استجابة دعوات عباده.
- بالإضافة إلى وجود ساعة استجابة في يوم الجمعة قبل غروب الشمس، وتتميز هذه الساعة باستجابة الدعاء في الأوقات العادية، مما يزيد من فضلها في شهر رمضان الكريم؛ حيث يمكنك مناجاة ربك وطلب ما تريد بعد قراءة سورة الكهف التي أوصانا بها الرسول الكريم.
- وهناك مواعيد أخرى يستجاب فيها الدعاء عن غيرها، مثل أوقات التجمع للذكر، والسير على طريق سفر، والدعاء بعد الوضوء مباشرة، والدعاء بظهر الغيب للمسلمين الأحياء منهم والأموات، وأدعية المضطر، ودعاء الوالدين لأولادهم، والدعاء أثناء دفن الميتين من المسلمين.
- وكل هذه الأوقات لها فضل كبير في استجابة الدعاء، ولكن ذلك لا يمنع أن الله موجود وحاضر في جميع الأوقات يسمع عباده في كل وقت وحين، ويستجيب لجميع دعواتهم، ولكن بأشكال مختلفة، سواء عن طريق إجابة الدعوة كما هي، أو دفع أذى عن المسلم بها، أو تأجيلها ليوم الحساب ليزداد المسلم بها حسنات وفضل.
آداب الدعاء في شهر رمضان المبارك
آداب الدعاء من الأشياء الثابتة في كل وقت وحين، ولكن تزداد أهميتها بحلول الشهر الكريم حتى يضمن المسلم استجابة دعاؤه، ولا يرتكب أي ذنوب أو أخطاء، وتتمثل آداب الدعاء في النقاط التالية:
- عدم الاستعانة بغير الله أثناء الدعاء، أو تقديس غيره، والتمسح بالأولياء وغيرهم، لأن ذلك نوع من أنواع الشرك بالله.
- أن يكون مال المسلم حلال تماماً ولا توجد به شوائب أو شبهات، لأن المأكل والمشرب الحلال من شروط استجابة الدعاء.
- حضور قلب المسلم وعقله أثناء الدعاء، وإيمانه التام بأن الله مجيب الدعوات وقادر على كل شيء، وحسن ظنه بالله، وعدم اليأس من تكرار الدعوات لفترة طويلة، والانقطاع عنه.
- عدم الدعاء بأشياء مستحيل تحقيقها، وغير منطقية، مثل أن تكون إنسان وتتمنى من الله أن يجعلك تطير مثل الطيور، وغيرها من الأشياء المستحيلة المخالفة للطبيعة البشرية.
- تجنب الدعاء بالأشياء المحرمة، مثل الدعاء على أحد، أو الدعاء بقطيعة رحم، أو تمني الشرور للمسلمين في حياتهم، والدعاء عليهم بخسارة مميزات حياتهم، لأن هذه ليست من أخلاق الإسلام والمسلمين، والدعاء على الآخرين ليس من شيم الكرام.
- تجنب الدعاء على النفس والأولاد والأموال، عملًا بوصايا الرسول الكريم الذي أمرنا بالبعد عن الدعاء على أنفسنا، وتمني الموت لضرر أصابنا، أو الدعاء على أولادنا لأن دعوة الوالدين مستجابة.
- بدء الدعاء بالصيغ المناسبة من الثناء على الله ورسوله الكريم، وذكر صفات الله والأسماء الحسنى، والتوسل بها أثناء الدعاء.
- اتباع الآداب العامة عند بدء الدعاء، مثل التوجه إلى القبلة، ورفع اليدين إلى السماء، وبداية الدعاء بالثناء على الله، وأن يكون المسلم طاهرًا، والبدء في طلب كل ما تريده من الله سبحانه وتعالى.
الدعاء في ليلة القدر
تأتي ليلة القدر في الثلث الأخير من شهر رمضان، ولا يعلم المسلمون الموعد المحدد لها، ولا يعلمون يومًا ثابتًا لحضور ليلة القدر، وتكمن حكمة ذلك في الحث على زيادة العبادات في الأيام الأخيرة من الشهر، وتحري ليلة القدر بدقة، والاجتهاد في الوصول إليها، ويزيد فضل ليلة القدر عن باقي ليالي الشهر الكريم مما يجعل للدعاء فيها فضلًا إضافيًا لتميزها عن غيرها من الليالي، ويرجع ذلك الفضل لما يلي:
- من قام هذه اللية بالعبادات، وذكر الله، والاجتهاد في إرضاء الله عز وجل، غفر الله له جميع ما تقدم من ذنبه.
- تعتبر هذه الليلة من أشهر ليالي عتق رقاب المسلمين من النار، لنزول الملائكة بالرحمة.
- عبادات ليلة القدر خير من عبادات ألف شهر، وكذلك الدعاء فيها له فضل عن الدعاء في سائر الأوقات.
- ينزل الله فيها على عباده من المسلمين رحمته وبركاته.
- ليلة القدر هي ليلة نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد.
أدعية مأثورة من السنة الشريفة
أوصانا الرسول الكريم بالدعاء، وعدم الانقطاع عنه في أي وقت وحين، كما ورد في السنة النبوية الشريفة فضل الدعاء في شهر رمضان الكريم، ووردت عن الرسول بعض الأدعية التي كان يدعو الله بها، ويحث المسلمين على الدعاء بها أيضًا، ومنها:
(اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، وأعوذُ بِكَ منَ الشَّرِّ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ من خيرِ ما سألَكَ عبدُكَ ونبيُّكَ، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عاذَ بِهِ عبدُكَ ونبيُّكَ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها من قَولٍ أو عملٍ، وأعوذُ بِكَ منَ النَّارِ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ، وأسألُكَ أن تجعلَ كلَّ قَضاءٍ قضيتَهُ لي خيرًا).
(اللهمَّ بعِلْمِكَ الغيبَ وقُدْرَتِكَ عَلَى الخلَقِ، أحْيِني ما علِمْتَ الحياةَ خيرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا عَلِمْتَ الوفَاةَ خيرًا لي، اللهمَّ إِنَّي أسألُكَ خشْيَتَكَ في الغيبِ والشهادَةِ، وأسأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا والغضَبِ، وأسألُكَ القصدَ في الفقرِ والغِنَى، وأسألُكَ نعيمًا لَا ينفَدُ، وأسالُكَ قرَّةَ عينٍ لا تنقَطِعُ، وأسألُكَ الرِّضَى بعدَ القضاءِ، وأسألُكَ برْدَ العيشِ بعدَ الموْتِ، وأسألُكَ لذَّةَ النظرِ إلى وجهِكَ، والشوْقَ إلى لقائِكَ في غيرِ ضراءَ مُضِرَّةٍ، ولا فتنةٍ مُضِلَّةٍ، اللهم زيِّنَّا بزينَةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدينَ).
(يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ).
(اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من علمٍ لا ينفعُ، وقلبٍ لا يخشعُ، ودعاءٍ لا يُسمعُ، ونفسٍ لا تشبعُ، ثم يقولُ: اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من هؤلاءِ الأربعِ).
(اللَّهمَّ رحمتَكَ أرجو فلا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عينٍ، وأصلِحْ لي شأني كلَّه لا إلهَ إلَّا أنتَ).
وقد أوصى الرسول السيدة عائشة بكثرة قول هذا الدعاء عند قدوم رمضان، وهو (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني).
وبذكر هذه الأدعية ننهي حديثنا عن الدعاء في شهر رمضان المبارك، وفضله العظيم في تحقيق جميع ما يتمنى المسلمون من أمور دينهم ودنياهم، ومغفرة جميع ذنوبهم ورحمتهم، وعتق رقابهم من النار في أيام العتق من الشهر الكريم، لذلك يجب على كل مسلم تحري وقت الإجابة في الشهر الكريم، والاجتهاد في مناجاة الله عز وجل، واليقين بأن الله مجيب للدعاء.